فوائد وفرائد لغوية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فوائد وفرائد لغوية

نادٍ لغوي أدبيٌّ متميز، يحوي فوائد وفرائد ونوادر في كل علوم اللغة العربية وما يتصل بها، للتحاور حوله، وتبادل المعلومات والخبرات.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإسلامية في الأدب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد حسين
خادم المنتدى
خادم المنتدى
أحمد حسين


عدد المساهمات : 581
تاريخ التسجيل : 12/02/2014
الموقع : القاهرة

الإسلامية في الأدب Empty
مُساهمةموضوع: الإسلامية في الأدب   الإسلامية في الأدب Icon_minitimeالإثنين مارس 03, 2014 3:33 pm

الإسلامية في الأدب
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي

التعريف :

● الإسلامية (في الأدب) هي انطلاق الأديب في العملية الإبداعية من رؤية أخلاقية تبرز مصداقيته في الالتزام بتوظيف الأدب لخدمة العقيدة والشريعة والقيم وتعاليم الإسلام ومقاصده، وتبين إيجابيته عند معالجة قضايا العصر والحياة، التي ينفعل بها الأديب انفعالاً مستمراً، فلا يصدر عنه إلا نتاج أدبي متفق مع أخلاق الإسلام وتصوراته ونظرته الشاملة للكون والحياة والإنسان، في إطار من الوضوح الذي يبلور حقيقة علاقة الإنسان بالأديان(*)، وعلاقته بسائر المخلوقات فرادى وجماعات، وبشكل لا يتصادم مع حقائق الإسلام، ولا يخالفها في أي جزئية من جزئياتها ودقائقها.

● معيار الإسلامية:

- ينطوي التعريف المتقدم، على مجموعة معايير متكاملة، يؤدي توافرها إلى صيرورة العمل الأدبي متسماً بالإسلامية، وبعض هذه المعايير موضوعي يتعلق بجوهر العمل وبعضها عضوي أو شكلي يتعلق بإطار التعبير عن العمل، بحيث يتفاعل كل منهما مع الغاية من العمل الأدبي الممثل للإسلامية، وأهم هذه المعايير: الالتزام والمصداقية والوضوح والإيجابية والقدرة والاستمرارية.

1- الالتزام : 
ويعني وجوب تقيد الأديب بإشاعة الرؤية العقدية في تيار العمل الأدبي المتدفق خدمة للعقيدة والشريعة(*) والقيم الإسلامية والأخلاق (*) وكليات الإسلام ومقاصده، وأهدافه العامة وبشرط ألا يخالف الإحساس الفطري بحقائق الإسلام. 

2- المصداقية:
وتعني قدرة الأديب على إعطاء المتلقي إحساساً صادقاً في كافة أعماله الأدبية بأنها قد صدرت عن تصور إسلامي، ودعوة إلى مكارم الأخلاق، وإشاعة الخير والمعروف، ونأي عن كل ما هو منكر وغير مألوف في الوجدان الإسلامي، فإذا كانت بعض أعمال الأديب فقط هي التي تتسم بالمصداقية الإسلامية، فإن ذلك لا يكفي لرفعه إلى مصاف أنصار الإسلامية. 

3- الوضوح : 
الإسلامية جوهر ومظهر، أو مضمون وشكل، لذا يجب أن يكون مضمون العمل وشكله معاً من الوضوح، في الدلالة على الإسلامية، بحيث يتسنى لأي متلقٍ، أن يصنف الأديب، بسهولة، ضمن أنصار الإسلامية، بمجرد إطلاعه على مجمل أعماله. 

4- الإيجابية:
وتعني أنه لا يكفي في الأديب المنتمي إلى الإسلامية، أن يلتزم بالتصور العقدي الإسلامي، ولا يخالفه، بل يجب عليه فضلاً عن ذلك، أن يكون إيجابياً في توجهه، فيقف مع الإسلام، ويدافع عنه، ويتصدى لمناهضيه، فكراً وقولاً وعملاً وسلوكاً، فالإسلامية تستلزم اتخاذ الأديب موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على دفاع صاحبه عن عقيدته في كل الظروف والأحوال.

5- القدرة :
وتعني قدرة الأديب على إفراغ العمل الأدبي في الإطار الشكلي الذي يخدم الموضوع، ويناسب المضمون، ويشد القارىء ويقنع المتلقي بوجه عام.

6- الاستمرارية:
وتعني وجوب قيام الأديب المنتمي للإسلامية بتعميق انتمائه باستمرار، فإن أصبح غير قادر على العطاء الإسلامي، فيجب ألا يصدر عنه ما يعارض صراحة أو ضمناً أعماله السابقة التي تتسم بالإسلامية، وقد يكون للاستمرارية معنى أخص، بالنسبة لمن كانوا غير ملتزمين من قبل ثم انتموا للإسلامية، إذ تعني الاستمرارية عدم عودتهم إلى مثل ما كانوا عليه قبل التزامهم، وقد نلمح هذا عند كعب بن زهير وحسان بن ثابت وغيرهما من الشعراء المخضرمين(*).

التأسيس وأبرز الشخصيات:

● كعب بن زهير رضي الله عنه :
من الممكن توسيع دائرة الإسلامية في الأدب لتبدأ بكعب بن زهير، ذلك أن الإسلامية إطار عام، لا يمكن نسبته إلى شخص بعينه أو زمن بعينه في العالم الإسلامي، وعندما جاهد بعض علماء الإسلام في سبيل تكوين مدرسة للأدب الإسلامي فإنهم في الحقيقة، كانوا يريدون التعبير عن مضمون أعمق من مجرد الإطار الشخصي هو النزعة الإسلامية في الأدب أو في كلمة واحدة "الإسلامية Islamism" وهي نزعة يمكن أن نلمحها من لحظة إلقاء رسول(*) الله صلى الله عليه وسلم بردته على كعب بن زهير عندما أنشده قصيدته اللامية في مدحه صلى الله عليه وسلم ، فسر بالتزامه ومصداقيته، وصحح له الشطرة التي تقول: "مهند من سيوف الهند مسلول" إلى "مهند من سيوف الله مسلول" فهذا شعر ذو هدف نبيل وغاية شريفة في مجال الدعوة بلا غلوٍ (*) ولا تجاوز، وهي نزعة حبذها الزمخشري في الكشاف بعبارات جلية.

● حسان بن ثابت رضي الله عنه:
حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان من الشعراء المخضرمين(*) الذين حضروا الجاهلية(*) والإسلام، وقد أسلم مع السابقين من الخزرجيين، ومنذ شرح الله صدره للإسلام وهو شاعر العقيدة الذي يسجل أحداث المسلمين، ويمجد غزوات الرسول، ويرد على شعراء المشركين بجزالة، قال النثر(*) والنظر في بيان عظمة الإسلام والدعوة إلى التأدب بآدابه والعمل بأحكامه ، وقد سفه قريشاً في أشعاره، ونوّه بالقرآن الكريم كمصدر أول للتشريع الإسلامي وأساساً لشريعة الحق ونبي الهدى، وبين بجلاء دور الأدب في بيان حقائق الإسلام، وقال أفضل أشعاره يوم قريظة وفي غزوة الأحزاب وفي رثائه لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بين أن قيمة الإسلام تكمن في التوحيد.

● عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
كان أحد شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين نافحوا عن الرسالة، ورغم أنه استشهد في السنة الثامنة من الهجرة(*)، وأن ما وصل إلينا من شعره كان قليلاً، إلا أن ما كتبه كان يجسد أهم قيم الإسلام كالشجاعة النابعة من أعماقه، والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحرص على التمسك بالدين والدفاع عنه، وطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولذا فقد كان عبد الله بن رواحة - بحق – رائد شعر الجهاد(*) الإسلامي، تشهد على ذلك أشعاره. يقول الدكتور محمد بن سعد الشويعر: "من اللفتات النبوية الكريمة استمد عبد الله بن رواحة التوجه إلى الطريق الأمثل، الذي يجب أن يسلكه الشعر الإسلامي، والإطار الذي يحسن أن يبرز فيه: صدق في التعبير، وسلامة في المقصد، وعدم الفحش في ذكر المثالب، أو النيل من الأعراض، واعتدال في القول".

● عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
ربما كان العقاد من أكثر الكتاب التزاماً بالإسلامية في الأدب، في مواجهة تيار التغريب الذي قاده طه حسين، ولذا فإن كلام العقاد له وزنه في هذا الصدد ومما قاله في عبقرية عمر:

كان عمر بن الخطاب أديباً مؤرخاً فقيهاً (ص 344) عظيم الشغف بالشعر والأمثال والطرف الأدبية، وكان يروي الشعر ويتمثل به، ولم يزل عمر الخليفة هو عمر الأديب طوال حياته، لم ينكر من الشعر إلا ما ينكره المسؤول عن دين(*)، أو القاضي المتحرز الأمين، ولذا فقد نهى عن التشبيب بالمحصنات، ونهى عن الهجاء، وأعجبته الأشعار التي تنطوي على معان سامية، دعى إليها الإسلام، وكان يرى أن للشعر غاية تعليمية تربوية فقد كتب إلى أبي موسى الأشعري قائلاً: مر من قبلك بتعلم الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب.. وقال لابنه يا بني.. احفظ محاسن الشعر يحسن أدبك.. فإن من لم يحفظ محاسن الشعر لم يؤد حقاً ولم يقترف أدباً.

وفي معايير الإسلامية قال: "ارووا من الشعر أعفه ومن الحديث أحسنه.. فمحاسن الشعر تدل على مكارم الأخلاق وتنهي عن مساويها".

ومما يؤكد تصور الإسلامية في الأدب عنده رضي الله عنه، أنه عزل النعمان بن عدي عندما تجاوز في شعره غايات الإسلام ومقاصده، بالرغم من أنه كان أحد ولاته، ولم يقبل اعتذاره وتعلله بأنه مجرد شاعر ولم يصنع شيئاً مما رواه في إحدى قصائده المبنية على الغزل الفاحش، كما سجن الحطيئة عندما هجا الزبرقان بن بدر، فلم يكن لمثل عمر أن يفعل غير ذلك فالإسلامية التزام إجباري إن صح التعبير، وإذا كانت الإسلامية التزام فإنها تستلزم المسؤولية.

● عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:
يعتبر عمر بن عبد العزيز من أبرز مؤسسي الإسلامية على الإطلاق لأنه لم يكتف بالحديث عن وجوب الالتزام والتقيد التام بالإسلام عند مباشرة المعالجة الأدبية، بل قدم أسلوباً عمليًّا لذلك، في موقف كان يمكن أن يتقبل فيه الناتج الأدبي المنطوي على مدحه ولكنه قدم درساً تطبيقياً في الحيلولة دون تخطي الأدب غاية الإسلامية فقد منع الشعراء أن يمدحوه، فلما ألح عليه كثير بن عبد الرحمن في إنشاده، وضع معيار الحقيقة كأساس لقبول سماع الإبداع الشعري، فقد قال لكثير : نعم. ولا تقل إلا حقاً.

ومما يؤكد عدم تساهل عمر بن عبد العزيز في التزام الأدب بالأخلاق(*) والأهداف السامية قصته المشهورة مع الشعراء عندما تولى الخلافة(*) وقيل له إنهم بالباب يريدون المثول بين يديه. وعندما توسط أحد جلسائه للشعراء وأخبره أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، قد سمع الشعر وأجاز الشعراء سأل من بالباب من الشعراء، وعندما أخبر بأسمائهم رفضهم واحداً تلو الآخر مع تبيان أسباب الرفض باستشهاد من أشعارهم ولم يدخل إلا جريراً حيث وجده أقل المجموعة فحشاً.

● ابن قتيبة وآخرون:
فضل ابن قتيبة الشعر الذي ينطوي على فائدة في المعنى، سواء تعلق هذا المعنى بالقيم الدينية أو الخلقية أو الحكم. ومثله كذلك مهلهل بن يموت بن المزرع وابن وكيع التنيئسي والثعالبي وعمرو بن عبيد، ومسكوية وابن شرف القيرواني وابن حزم الذي نهى عن الغزل وغالى في وضع القيود على الأدب لتحقيق الإسلامية حسبما تصورها، رغم أنه خرج على ذلك أحياناً كثيرة في طوق الحمامة. ولا شك أن الشعر مجرد فن من فنون الأدب ولكن ضوابطه الإسلامية ومعاييرها بشأنه تصلح لكل فروع الأدب.

● علي أحمد باكثير:
يوصف بأنه من طلائع الإسلامية في الأدب في مجال الشعر والقصة والمسرحية، وكان لنشأته وبنائه الفكري واتساع أفقه وتنوع مصادره الثقافية أكبر الأثر في تكوين شخصيته وقلمه، ولذا كتب المسرحية الحديثة عن فهم ووعي وعن دراسة وتعمق في معرفة أصول الصنعة المسرحية.
ولقد كان الموجه الرئيسي لباكثير في فنه الأدبي هو عقيدته الإسلامية وقيمها وتصوراتها الصائبة للحياة. يقول د. نجيب الكيلاني عن مسرحيته حبل الغسيل إنها كانت صرخة شجاعة أدانت فساد المنهج(*) وعفن الإدارة وانحراف المؤسسات الشعبية حينما استبد الشيوعيون بمقاليد الأمور في مصر في النصف الأول من عقد الستينات، حيث صنعوا من الشعارات واجهة للبلاد بينما هم يستغلونه وينفذون مخططاً موحى به إليهم من سادتهم خارج البلاد وفي ذلك إدانة للفكر الماركسي وتجربته المشينة بمصر.

● مصطفى صادق الرافعي :
كانت الإسلامية في أدبه تياراً متدفقاً، فقرظ محمود سامي البارودي شعره الملتزم، وأثنى عليه مصطفى لطفي المنفلوطي، وحيَّاه الشيخ محمد عبده قائلاً: "أسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل" وقد كان. ففي كافة مؤلفاته وأشعاره ودراساته ونثره، جعل الإسلام غايته وخدمة عقيدة التوحيد مقصده وبغيته. وقد وقف أمام مؤامرات الإنجليز ضد الإسلام ومؤامرات الصهيونية في فلسطين ومؤامرات الذين أرادوا إحياء العامية والقضاء على اللغة العربية، وأبرز قضايا الإسلامية عند الرافعي هي قضية إعجاز القرآن الكريم، وقضية البلاغة النبوية وقضية المقالات(*) الإسلامية.

● أحمد شوقي:
كانت الإسلامية واضحة في بعض أشعار أحمد شوقي، ولم يكن يلتزم في هذه الأشعار بالمقاصد الإسلامية فقط، بل إنه خاض بعض معارك الدفاع عن المبادىء الإسلامية وقضاياه، فقد بيَّن أن الحرب في الإسلام لم تكن حرب عدوان وإنما كانت حرب جهاد(*) ودفاع، وبيَّن أن الإسراء كان بالروح والجسد معاً، وربط بين المفاهيم الدينية وبين قضايا النضال واليقظة والتحرر ودافع عن الفضائل الإسلامية والحرية(*) والنظام والشورى، ويمكن القول كذلك أن حافظ إبراهيم رغم ثقافته الأزهرية المتواضعة وأحمد محرم شاعر العروبة والإسلام كانا يستظلان كذلك بظل الإسلامية في أدائهما الملتزم.

● محمد إقبال:
وفكرة الإسلامية عند الشاعر محمد إقبال 1873م تستلزم توافر ثلاث مراحل: الأولى: الوقوف على المقاصد الشرعية التي بيَّنها الدين(*) الإسلامي فهي حقائق أبدية لا تتغير، والثانية الجهاد(*) الديني في سبيل تحقيقها كل في مجاله، وعلى الأديب أن يعتصم في سبيل ذلك بالصبر وهذا يستلزم الانقياد التام لأمر الله تعالى عن عقيدة ثابتة وإيمان راسخ، ومحاربة نوازع النفس. وثالثها: انطلاق الذوات الإسلامية كلها لتحقيق أهداف الأمة الإسلامية.

● الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي:
في 2 ربيع الأول 1405هـ (24/11/1984م) أعلن الشيخ الأديب والمفكر الداعية أبو الحسن علي الحسني الندوي في لقاء ضم الكثير من مفكري وأدباء العالم الإسلامي عن ولادة رابطة الأدب الإسلامي، التي أعطت الأدب الإسلامي كياناً متميزاً عن بقية المذاهب الأدبية الأخرى، على أنه يجب ملاحظة أن مفهوم الإسلامية سبق الإعلان عن الرابطة بسنين طويلة، فإنا نجد الدعوة للأدب الإسلامي في كتابات الداعية والأديب سيد قطب حينما كان يشرف على باب الأدب في الجريدة التي كان يرأس تحريرها في مصر عام 1952م. ونجدها أيضاً في كتابات أخيه محمد قطب عام 1961م وخاصة في كتابه منهج الفن الإسلامي، ونجدها أيضاً عند الدكتور نجيب الكيلاني سنة 1963م في كتابه: الإسلامية والمذاهب الأدبية، ونجدها أيضاً عند الدكتور عماد الدين خليل عام 1392هـ (1972م) في كتابه: النقد الإسلامي المعاصر وكتابه: محاولات جديدة في النقد الإسلامي الذي أصدره عام 1401هـ (1982م) وفي كتابه: فن الأدب الإسلامي المعاصر دراسة وتطبيق وفي كتاباته الأدبية التي سبقت نشر هذا الكتاب ومنذ عام 1961م في مجلة: حاضرة الإسلام الدمشقية.

ولذا فإن الشيخ أبا الحسن علي الحسني الندوي رئيس جامعة ندوة العلماء في الهند ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية يعتبر أحدث دعاة الإسلامية والمؤسسين لها، وإنه وإن كانت الرابطة لم تتشح باسم الإسلامية متخذة اسم الأدب الإسلامي، إلا أن الأمر مجرد اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاحات.

● الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا:
- رحمه الله – نائب رئيس الرابطة للبلاد العربية، وكان أستاذاً للأدب والنقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ويعتبر من أوائل من نظر للإسلامية ودافع عن الأدب الإسلامي.

● الدكتور عبد القدوس أبو صالح:
أستاذ الأدب والنقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ونائب رئيس الرابطة ورئيس مكتب البلاد العربية.

● الشيخ محمد الرابع الندوي:
نائب رئيس الرابطة ورئيس مكتب الهند.

● الأستاذ محمد حسن بريغش:
أمين سر الرابطة للبلاد العربية وعضو مجلس الإفتاء في الرابطة.

● الدكتور عدنان رضا النحوي :
الشاعر والأديب السعودي وعضو مجلس أمناء رابطة الأدب الإسلامي العالمية.

● الأستاذ محمد قطب:
المفكر والداعية المعروف، والأستاذ في جامعة الملك عبد العزيز وعضو الشرف في الرابطة، فقد تابع جهود شقيقه سيد قطب – رحمه الله – في الإسلامية في الأدب.

● الدكتور عبد الباسط بدر:
الأستاذ في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأمين سر مجلس أمناء الرابطة.

● الدكتور حسن الأمراني:
(مغربي): عضو رابطة الأدب الإسلامي ورئيس تحرير مجلة المشكاة التي تعني بالأدب الإسلامي.

● الدكتور محمد مصطفى هدارة:
(مصري) عضو الرابطة والأستاذ في جامعة الإسكندرية.. وهو أول من أظهر حقيقة مذهب(*) الحداثة الفكري والأدبي وأهدافه الهدامة.

● الدكتور عبد الرحمن العشماوي:
وهو يعتبر أبرز الأصوات الشابة الملتزمة بالإسلام والمدافعة عن القضايا الإسلامية والتصور الإيماني.

الأفكار والمعتقدات:

● جعل التصور الإسلامي الصحيح للإنسان والكون والحياة، أهم أركان العمل الأدبي أيًّا كان نوعه.

الالتزام بالتصور الإسلامي، لا يعني التوجيه القسري على غرار ما يفرضه أصحاب التفسير المادي للتاريخ(*) وإنما هو أخذ النفس البشرية بالتصور الإسلامي للحياة في سائر فنون الأدب، وبذا تتميز الإسلامية عن فكرة الالتزام عند كل من الواقعية والاشتراكية(*) والوجودية، فالالتزام عند الأولى هو الالتزام بقضايا الجماهير حسب المفهوم الماركسي المنهار، والالتزام عند الثانية – في النثر فقط دون الشعر – بقضايا الحرية حسب المفهوم الوجودي فحسب.

● التعبير المؤثر، له أهمية في مجال الأدب ولا يستغني عنه بحجة سلامة المضمون، وبذلك يتميز الأدب عن الكلام العادي، فذلك مما يحقق غاية الإسلامية.

وغاية الإسلامية هي وجود أدب هادف، فالأديب المسلم لا يجعل الأدب غاية لذاته كما يدعو أصحاب مذهب: (الفن للفن) وإنما يجعله وسيلة إلى غاية، وهذه الغاية تتمثل في ترسيخ الإيمان بالله عز وجل ، وتأصيل القيم الفاضلة في النفوس.

● حرية التفكير والتعبير من متطلبات الإبداع(*) والصدق الأدبي وهي وسيلة لإثراء الأدب كماً وكيفاً.

● وقد وضع الإسلام حدوداً للحرية(*) في كل مجالاتها، ومنها مجال الأدب إذ إنه لا يعترف بحرية القول التي منحت للأدباء وغيرهم إذ رأى فيها خطراً يهدد سلامة المجتمع وأمنه العقدي أو الأخلاقي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.

● الأدب طريق مهم من طرق بناء الإنسان الصالح والمجتمع الصالح وأداة من أدوات الدعوة إلى الله والدفاع عن الشخصية الإسلامية.

● الإسلامية حقيقة قائمة قديماً وحديثاً وهي تبدأ من القرآن الكريم والحديث النبوي، ومعركة شعراء الرسول(*) صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش، وتمتد إلى عصرنا الحاضر لتسهم في الدعوة إلى الله ومحاربة أعداء الإسلام والمنحرفين عنه.

● الإسلامية هي أدب الشعوب الإسلامية على اختلاف أجناسها ولغاتها، وخصائصها هي الخصائص الفنية المشتركة بين آداب الشعوب الإسلامية كلها.

● ترفض الإسلامية أي محاولة لقطع الصلة بين الأدب القديم والأدب الحديث بدعوى التطور أو الحداثة أو المعاصرة وترى أن الأدب الحديث مرتبط بجذوره القديمة.

● ترفض الإسلامية المذاهب(*) الأدبية التي تخالف التصور الإسلامي والأدب العربي المزور، والنقد الأدبي المبني على المجاملة المشبوهة أو الحقد الشخصي، كما ترفض اللغة التي يشوبها الغموض وتكثر فيها المصطلحات الدخيلة والرموز المشبوهة وتدعو إلى نقد واضح بناء.

● تستفيد الإسلامية من الأجناس الأدبية جميعها شعراً ونثراً ولا ترفض أي شكل من أشكال التعبير، وتعني بالمضمون الذي يحدد طبيعة الشكل الملائم للأداء.

● والإسلامية في الأدب تأبى الانحراف عن القيود الواردة في تعريف الإسلامية، فهي كما يقول أحد الباحثين تأبى مثلاً "تأليه الإنسان (كلاسيكياً)، وإغراقه الذاتي الأناني (رومنسياً)، وتمجيد لحظات الضعف البشري (واقعيًّا، وتصوير الانحراف الفكري أو النفسي أو الأخلاقي (وجوديًّا)" فليس ثمة عبث وليس ثمة حرية أخلاقية مطلقة من كل قيد كما يرى (سارتر) وليس ثمة تناقضات نفسية لا نهاية لها تنتهي دائماً بالضياع كما يرى (ديستوفيسكي).

● والإسلامية إطار واقعي للعمل الأدبي، فهي ليست مجالاً لتحقيق الخيال الجامح أو التعبير عن شطحات منبتة الصلة بالواقع، وواقع الإسلامية أنها فكرة غائية عقدية، وغايتها ليست تحقيق مصلحة ذاتية أو شخصية كإطار للبراجماتية وإنما تحقيق مصلحة العقيدة وكل من يتمسك بهذه العقيدة، فالإسلامية إطار للحقيقة لا الزيف والاستقامة لا الانحراف، ذلك أنها تدور مع وجود المسلم، وللوجود الإنساني غاية إسلامية كبرى هي الكدح والعمل والعبادة }أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ{ [المؤمنون: 115] }وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى{ [النجم:39] وهذه الواقعية توجد في القرآن الكريم ذاته، فأحد معجزاته أنه قدم أمثلة عليا للأداء الفني المتجانس في القصة وغيرها وما قصة يوسف عليه السلام عنا ببعيد.

● والإسلامية ليست قيداً على الإبداع(*) وإنما هي إطار موضوعي وشكلي لتحصين العمل الأدبي من الإسفاف الذي قد يقضي على الأديب، أما التحرر المطلق من كل القيم الذي ينهي وجود الأديب، أو الخروج عن منطق الأدب ذاته، فهذا أمر يفرغ العمل الأدبي من مضمونه، فمنطق الإسلامية، ينبثق من حضارة إسلامية، تتيح للأديب فرصة التعبير عن كل ما يجول بخاطره، فيطرح المضمون الذي يريد في الشكل الذي يريد طالما كان في إطار التصور الإسلامي.

● وترتيباً على ما تقدم فإن الإسلامية تختلف عن سائر المضمونات الدينية البعيدة عن العقيدة الإسلامية سواء كانت دينية سماوية أو دينية وضعية، ولذا فإن الانفتاح على الأعمال الأدبية يجب أن يتم من خلال وجدان إسلامي راق وحسّ إنساني مرهف، للتخفيف من هموم الإنسان ومعاناته لا دفعه في أتون الصراع اللانهائي بين العبث واللامعقول، والعدمية والوجودية، وغيرها من المذاهب التي لا تروي الظمأ الديني لدى المتلقي ولا تسمو بأحاسيسه ومشاعره، بل تلغي له الزمن في العمل الأدبي، وتفكك له الأحداث، وتلغي له الشخصيات، وتمس جوهر العمل، فمسخ العمل أو تشويهه ليس من طبيعة الإسلامية.

بل إن هذا العمل لا يمكن أن يرتطم بطبائع الأمور ولا النظرة الإسلامية للكون والحياة والوجود، ومن أجل هذا فإنه وإن كان لا يجوز دمج الإسلامية في غيرها من المذاهب إلا أن الإسلامية لا تأبى التعايش مع أي نتاج أدبي عالمي، طالما لم تهدم الحواجز بين الأمرين، فخصوصية الإسلامية أنها وليدة الزمن والمكان، وأنها نسيج لقاء العقيدة بالإنسان، ولذا فإنها عالمية الأثر، كونية الرؤية، شمولية النزعة، توفق بين المنظور الواقعي والغيب اللامرئي، وتوائم بين المادي والروحي، وتجانس بين الثابت والمتغير، ولا يوجد فيها أي تنافٍ لوجود المحدود مع المطلق، ومعالجة الجزئي مع الكلي، طالما أن الهدف الأساسي للإسلامية هو صنع عالم سعيد لبني البشر، يعينهم على تجاوز متاعبهم، ويزيل المتاريس التي تقف أمام انطلاق عقيدتهم. ومن أمثلة هذه المتاريس النتاج الأدبي المتأثر بالنصرانية والذي نجده عند لويس شيخو، وسلامة موسى، وغالي شكري، ولويس عوض، وإيليا حاوي، وخليل حاوي، وسعيد عقل، وجبرا إبراهيم جبرا وغيرهم، وقد تأثر بهم بدر شاكر السياب وصلاح عبد الصبور وغيرهم.

- والإسلامية كبنيان أدبي عقدي، تجد في الإسلام مجالاً رحباً، يقدم الأدباء من خلاله فكرهم البناء، وسلوكهم الهادف، وتصورهم الصائب، وقضايا الإنسان التي تحتاج إلى معالجة. والإسلامية تجعل كل هذه الأمور ذات بنيان متجانس السمات، غير متنافر الأهداف والغايات، ولا حجر في أن تكون الإسلامية فكرة عقدية، فليس المطلوب منا أن نذوب في غيرنا أو أن نكون انعكاساً لحقائق أو أوهام تزرع في غير تربتنا، وحسبنا أن نعود إلى ماضينا لندرك عظمة توجيه الرسول(*) صلى الله عليه وسلم الشعراء إلى الدفاع عن المجتمع المسلم والجهاد بالكلمة، ولنعي أن البنية الخلقية الإسلامية.. أحدثت انقلاباً عميقاً في النفوس، ولذا عاشت الإسلامية وأمكن استخلاصها من بطون الكتب، وكانت توجيهات الخلفاء الراشدين للشعراء بالالتزام بالبنية الأخلاقية الإسلامية، وفي العصر العباسي علت دعوة أبي العتاهية إلى الزهد، وهكذا.

أماكن الانتشار:

أصبح للإسلامية أنصار في جميع أنحاء العالم.. ولها مكتبات في الهند وفي البلاد العربية وعقدت رابطة الأدب الإسلامية العالمية عدة مؤتمرات في الهند وتركيا ومصر، واشترك فيها عدد كبير من أدباء العالم الإسلامي.

ويتضح مما سبق :

أن الإسلامية ذات مدلول شامل في الزمان والمكان، فهي قديمة قدم الدعوة الإسلامية، وممتدة مع الإسلام عبر الأزمان. وهي لا تختص باللسان العربي المسلم دون سواه، بل تتعلق بكل مسلم أياً كان مكان ولادته أو نشأته. والإسلامية ليست حبيسة صفحات الكتاب المتفرغين للأدب والمعنيين به، وإنما توجد في ثنايا كتابة تعرض لأي مسألة، حتى وإن كانت من مسائل العلم في شتى فروعه. ومن هذا المنطلق فإن المدرسة الأدبية الإسلامية الهندية أو الباكستانية أو الأندونيسية أو التشادية أو السنغالية أو غيرها تعتبر تجسيداً للإسلامية في الأدب، كما تعتبر الكتابات العلمية ذات الأسس الجمالية والبنيانات الفنية من هذا القبيل أيضاً، فآداب الشعوب الإسلامية غير العربية هي رافد من روافد الإسلامية مادام أنها في إطار التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة ولا تعرض ما يرفض الإسلام أو يتعارض مع منهجه الفكري.

-------------------------------------------------
مراجع للتوسع :
- نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا. ط. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1405هـ/1985م.
- منهج الفن الإسلامي، محمد قطب، دار الشروق، بيروت، القاهرة.
- في الأدب الإسلامي المعاصر، محمد حسن بريغش، مكتبة المنار، الأردن الزرقاء.
- الأدب في خدمة الحياة والعقيدة، عبد الله حمد العويشق، ط. كلية اللغة العربية بالرياض، 1389هـ/1390هـ.
- نظرات في الأدب، لأبي الحسن الندوي، دار القلم، دمشق 1408هـ/1988م.
- الأدب الإسلامي وصلته بالحياة، محمد الرابع الندوي، مؤسسة الرسالة، ط1 1405هـ/1985م.
- أدب الصحوة الإسلامية، واضح الندوي، مؤسسة الرسالة ط1، 1405هـ/1985م.
- تعريف برابطة الأدب الإسلامي، إصدار الرابطة عام 1409هـ/ 1989م.
- مجلة المشكاة. العدد 13 السنة الرابعة 1410هـ/1990م.
- النقد الأدبي أصوله ومفاهيمه، سيد قطب، دار الشروق، بيروت.
- الإسلامية والمذاهب الأدبية، د. نجيب الكيلاني/ مؤسسة الرسالة ط2 (1401هـ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fawaed.yoo7.com
أحمد حسين
خادم المنتدى
خادم المنتدى
أحمد حسين


عدد المساهمات : 581
تاريخ التسجيل : 12/02/2014
الموقع : القاهرة

الإسلامية في الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإسلامية في الأدب   الإسلامية في الأدب Icon_minitimeالإثنين مارس 03, 2014 3:40 pm

دور الناقد الإسلامي في الأدب العربي المعاصر
د. حسن بن فهد الهويمل

أحسب أننا نتفق على أن الكلمة أمانــة، وهــي عمــار أو دمار: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 81] و {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 01] و {قُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} [الأحزاب: 07]، فالكلمة رسالة، ومن خلالها نقل الرسل رسالاتهم إلى الناس كافة، ويختص الدين الإسلامي بأن معجزته كلامية، ورسالته محفوظة إلى أن تقوم الساعة.

إذا كـنا متفـقين علـى هـذا، وإذا كـانت أهمية الكلمة من المسلَّمات والثوابت؛ فإن الناقد الأدبي: عربياً أو إسلامياً، مطـالب بأن يمارس الدور الإصلاحي، الدور التوعوي، الدور التصـحيحي لكل انحراف فكري أو سقوط أخلاقي، أو أي إخـلال فـي شـرط الفـن والـلغة بـوصـفها وعـاء الأدب الرفيع.

والنقاد الذين يحملون همّاً إسلامياً يشعرون بالدور الأهم في اقتفاء أثر الكلمة الإبداعية، لتنقيتها من كل الشوائب. ويقيني أن الناقد الإسلامي وغيره من سائر النقاد لا يختلفون حول فنيات الإبداع وسلامة اللغة، ولكنهم قد يختلفون حول القيم الدلالية، بحيث يتحفظ الناقد الإسلامي على كل شطحة تمس القيم الأخلاقيــة أو الفكرية، دون أن يحجر على الفن أو يسلبه شيئاً من خــصوصــياته الفنية أو اللغوية.

فالأديب له رسالة تختلف عن رسالة الفقيه والواعظ والخطيب. نعم! الكل يلتقون حول بث القيم النبيلة، والكل يسـعون لإشـاعة الكلمة الطيـبة؛ ولكن للمـبدع لغـته وأسلوبه وفنه ومجالاته، وللناقد رسالته في اقتفاء أثر الكلمة. وإذا كانت اللغة العربية وعاء الثقافة والحضارة فإنها تستوعب كل الخطابات المتنوعة بمعارفها وفنونها ودلالاتها، ومن ثم فإنها مـع الإبــداع الأدبـي غيـرُها مــع الكتــابة التاريخية أو الفقهية. والناقد الإسلامي يعي هذه الفوارق، ويحـافظ عليها، ويسعى جهده لنهوض اللغة الأدبية بمهمتها الإبداعية، بحيث لا تقصر في استكمال مكونات الإبداع.

والمتداول عند النقاد مقولة: شرف اللفظ وشرف المعنى، ولكل شرف مكوناته. والناقد الإسلامي أحرص الناس على استكمال الشرفين في النص الإبداعي، وهو الساعي لحمل المبدع الشعري أو السردي على الأخذ بعصم الشرفين؛ فإذا فقد المبدع شرف المعنى حاول الناقد الإسلامي ثنيه عن مساره، وإذا أخفق المبدع في اللفظ حاول الناقد الإسلامي إقالة عثرته. ولهذا فإن دور الناقد الإسلامي في تشكيل الأدب العربي المعاصر لا يختلف عن دور أي ناقد، إلا أن همه الأول ينصبُّ على شرف المعنى لأهمية الكلمة في نظره، وهي أهمية إنسانية، فلا أحد يستخف بأثر الكلمة ودورها في دمار العالم أو إعماره.

والذين يتصورون (النقد الإسلامي) نقداً قاصراً على المضامين، حاثّاً على أسلمة الخطــاب الأدبـي؛ إمّا جهلــة أو مغرضون. والمصداقية تفرض على الحاكم أن يتصور الشيء كما هو عند ذويه، ثم يقول رأيه.

الإشكالية أن كثيراً من النقاد يحصرون النقد الإسلامي في البعد الموضوعي، وهذا مكمن الخطأ، ومصدر الخلاف الذي لا ينتهي.

لهذا لا بد من تصوّر المفهوم؛ فالنقد الإسلامي نقد مكتمل المناهج والآليات والمقاصد، له همه اللغوي، وهمه الفني، وتطلعه إلى إشاعة الكلمة الطيبة، وقمع الكلمة الخبيثة. وإذا قصَّر ناقدٌ أو أكثر، أو اضطربت المفاهيم عند البعض، فإن الأدب الإسلامي ونقده لا يحملان أخطاء المطبقين.

الأدب الإسلامي كالإسلام؛ أدب شمولي يعي مطالب الحياة الدنيا والآخرة، ويسعى جهده لحفظ التوازن بين حاجة الروح والجسد. ومن تصور الأدب الإسلامي ونقده على خلاف ذلك فقد ظلمه، وظلم ذويه.

ولقد قلت، ولَـمَّا أزل أقول: إن الإشكالية في اضطراب المفاهيم.

ومتى التقى المتجادلون على أمر قد قُدر، انحسمت المشاكل، واستوت القضايا على سوقها.

لهذا؛ فإننا نود من كل الخصوم أن يزيلوا غبش المفاهيم، وأن يأخذوها من مصادرها. وأي تساؤل حول دور النقد الإسلامي لن يصدر بالجواب القاطع إلا إذا عرف أن النقد العربي وعاء النقد الإسلامي. وإن كان ثمة اختلاف فإنه حول شرف المعنى الذي قد لا يهتم به كثير من نقاد الأدب العربي؛ بل قد يدعو بعضهم إلى التحلل معتبراً الفن في معزلٍ عن ضوابط الدين وقيمه الأخلاقية.

ومع أن حسم الموقف سهل وممكن إلا أن بعض الخصوم لا يودون السماع للناقد الإسلامي؛ إذ لو سمعوا له لأخذوا برؤيته. إنه ناقد كأي ناقد عربي؛ ولكنه، كما أشرت، يضع كل الاعتبار لشرف المعنى الذي قد لا يكون من أولويات الناقد العربي. وكل ناقد يصنع قيمة لشرف المعنى هو ناقد إسلامي؛ شاء ذلك أم أبى.

والذين يظنون أن الأدب الإسلامي ونقده خلقٌ آخر يُبعِدون النُّجعة، ويحمِّلون الأدب الإسلامي ما لا يحتمل.إنه أدب عربي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إلا أنه يحمل هَمَّ إشاعة الكلمة الطيبة وقمع الكلمة الخبيثة؛ فهل من مُدَّكر؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fawaed.yoo7.com
أحمد حسين
خادم المنتدى
خادم المنتدى
أحمد حسين


عدد المساهمات : 581
تاريخ التسجيل : 12/02/2014
الموقع : القاهرة

الإسلامية في الأدب Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإسلامية في الأدب   الإسلامية في الأدب Icon_minitimeالإثنين مارس 03, 2014 3:41 pm

دور الأدب الفكري والاجتماعي والأخلاقي والجمالي
د. عدنان علي رضا النحوي

الأدب ظاهرة حية في تاريخ الإنسان منذ أقدم العصور حتى يومنا هذا، وسيظل ممتداً على مستقبل بعيد. إنه ظاهرة مرتبطة بالإنسان لا تنفصل عنه، تنبع منه أو توهب له، فضلاً من الله ونعمة منه ما دام الأدب ثمرة خير وإيمان وتقوى.

ولعلَّ الأدب انطلق مع أول كلمة علّمها الله - سبحانه وتعالى - لآدم - عليه السلام - حين علّمه الأسماء كلها. ونفهم من قوله - سبحانه وتعالى -: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 31]، أنه علّمه اللفظة واستخدامها، كما توحي بذلك كلمة (الأسماء)؛ وكذلك قوله - سبحانه -: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ *خَلَقَ الإنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1 - 4].

ويصبح الأدب بذلك نبعةً من نبعات الحياة، وخفقة من خفقات الإنسان، وتعبيراً عن وجوده وحياته، ونشاطه وعطائه، وعاطفته وشعوره، وفكره وتصوره. إنه يعرض ويحلل أحداثاً ووقائع، ويتناول البيئة ومكنوناتها: يابسة وأنهاراً، أشجاراً وثماراً، زهوراً ونسيماً، وأرضاً وسماءً. إنه يطوف في الكون على قدر ما يفتح الله له من أبوابه ومنافذه.

ولكن الأدب لا يقف عند العرض والوصف، ولكنه يحلّل ويستنتج، ويربط ويقوِّم؛ ليكون الأدب قوة تنضم إلى سائر القوى، وسبباً ينضمُّ إلى سائر الأسباب، لتتحصَّن به الأمة وتدافع به، وتجاهد به وتنافح. إنه يُغذّي علاقات الإنسان وروابطه من قربى ورحم، وصحبة وجوار؛ فيقرّب الإنسانَ من الإنسان، والفكرَ من الفكر، والعاطفةَ من العاطفة، إذا صدق الأدب وظلَّ طاهراً، فلا يهبط في حمأة الرذيلة والجاهلية، ودنس الفاحشة والفجور، وشرِّ الجريمة والإثم.

والأدب أشرف الفنون في حياة الإنسان وأعلاها مرتبة، وأكثرها التصاقاً به وبحياته، وأكثرها اتساعاً به ونشاطه، حتى يكاد يكون حاجة من حاجاته وضرورة من ضروراته، ماضياً معه في أعماق التاريخ وآفاق المستقبل. وهو يجمع من الفنون الأخرى ما لا تستطيع أن تجمع؛ فهو يجمع من الموسيقى أطيبها وأطهرها في نغمة الكلمة وجرسها، وإيقاع المقطع والصياغة وحلاوته، وهو يجمع من الرسم صوراً غنيّة نديّة تدفعها الحروف والكلمات، وصوراً حية نابضة، وهو يجمع عبقرية المعنى وطهر الفكر وصدق العاطفة.

والأدب يجول جولات واسعة في جميع ميادين الحياة وآفاق الكون، فتّحت كلها له ولموهبته وقدراته. فلا يوجد ميدان في حياة الإنسان إلا ويخوضه الأدب الطاهر، ينثر فيه العطر والندى، والجواهر واللآلئ والدرر، والثمار والزهور، حتى كأنه يجعل الحياة بساتين أشجار وثمار، وجنان ورود وأزهار، ونسائم تسري، وظلالاً ترفُّ بأندائها وتغني بفيئها.

وارتفعت منزلة الأدب إلى ذروة الشرف وقمّة التكريم حين حمل البيان رسالة الله إلى الناس، إلى عباده وخلقه، قرآناً معجزاً، وبياناً ميسّراً، وحْياً يتنزَّل من عند الله، ليمثل أعلى مستوى للبيان والفكر، والصورة والتعبير، ليكون آية الزمان وإعجاز العصور، وحاجة الإنسان وغناءه نوراً وهدى.

والأدب عطاء الإنسان؛ ينبع من ذاته، من داخله، من فطرته التي فطره الله عليها إن ظلت نقيّة سليمة فيكون أدب إيمان وتقوى، أو تاهت في فتن وضلال وانحرفت فيكون أدب فتنة وفساد. وهذه الفطرة التي لا نعرف عنها إلا ما علّمنا الله، نـدرك أن الله غـرس فيها نبـع الإيمان ليرويَ الإيمانُ الفـطرةَ وما فيها مـن غرائـز وقـوى ريّاً متـوازنـاً؛ لتـؤدّي كلُّ قوة المهمةَ التي خلقها الله لها، ما دامت الفطرة لم تتشوه والشعور والموهبة التي يضعها الله في من يشاء من عباده. وكأن التفكير والعاطفة قطبان تتجمّع عليهما شحنات الزاد من الواقع، من علم وتجربة ينالها الإنسان في حياته من ميادين مختلفة. وتظل هذه الشحنات تنمو وتزداد بقدر من الله - سبحانه وتعالى - وعلى سننٍ لله ثابتة، حتى تأتي اللحظة المحددة، فتأتي الموهبة فتشعل التفاعل بين هذين القطبين وما يحملانه من شحنات، فيخرج عطاء الإنسان ومضةَ إبداع أو شعلةَ خير، على نوع الموهبة والشحنات وقوة الفكر وقوة العاطفة. فإن كانت الموهبة أدبية أطلقت العطاء الأدبي شعراً أو قصة أو رواية أو خلاف ذلك. ولا يمكن أن يكون العطاء ثمرة فكر وحده، ولا ثمرة عاطفة وحدها؛ ولكنه ثمرة تفاعل بين الفكر والعاطفة وسائر القوى في داخل الإنسان في فطرته، وبذلك يستطيع الأدب أن يجول ويطوف في جميع ميادين الحياة وآفاق الكون على قدر ما وهب الله لعبده من قوة وفكر وعاطفة وموهبة.



• الأدب وفكر العقيدة:

وباستعراض تاريخ الأدب في حياة الإنسان نرى الدور الكبير له في الفكر أو في حمل الفكر وعرضه. وأعظم فكر يحمله الأدب هو فكر العقيدة التي يؤمن بها، والتي تغنى بها الفطرةُ والقوى المغروسة فيها. وإذا استعرضنا شعراء صدر الإسلام وخطباءهم لوجدنا أن شِعْرَهم حمل الفكر الذي يؤمنون به والعقيدة التي يحملونها، يخوضون بها مختلف الميادين، وكذلك في سائر العصور، ومع سائر الأمم.

ويتميز الأدب الملتزم بالإسلام من غيره بأنه يعرض الفكر الحقَّ، وينبذ الباطل ويدحضه: {قُلْ إنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْـحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * قُلْ جَاءَ الْـحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 48 - 49]، {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْـحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} [الرعد: 17].

هذا هو الحق الذي يحمله الأدب فكراً وعاطفة.

يساهم الأدب في واقع الحياة الاجتماعية، فيغذّي كل آداب المجتمع وأخلاقه، وعاداته وتقاليده، ما دام المجتمع متمسكاً بدينه إيماناً وممارسةً في واقع الحياة. وجعل الإسلام للأدب دوراً عظيماً في نهجه وغايته وأسلوبه. وأول ذلك أن تكون النيَّة خالصة لله في كلمته، وثانـياً أن تـكون الكلـمة طيـبة حـقاً وصـدقـاً، لا كـذب فـيها ولا باطـل. فعـن أبي هـريـرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوبَ الرجال أو الناس لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً»[1]. وعنه أيضاً: «إن أخاً لكم لا يقول الرفث، وهو ابن رواحة»، ثم تلا أبو هريرة أبياتاً من شعر عبد الله بن رواحة، نجد فيها دور الأدب في الفكر والدعوة والمجتمع:

وفينا رسول الله يتلو كتابَه *** إذا انشقَّ معروفٌ من الفجر ساطعُ

أرانا الهدى بعد العَمَى فقُلُوبُنا ***به موقناتٌ أنَّ ما قال واقعُ

يبيتُ يجافي جنبه عن فراشه ***إذا استثقلت بالكافرين المضاجعُ[2]

وانـظـر إلى دور الأدب فـي مـيدان الجـهاد: فعـن أنـس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وعبد الله بن رواحة بين يديه يمشي، ويقول:

خَلُّوا بني الكفَّار عن سبيلهِ *** اليوم نضربكم على تنزيلهِ

ضرباً يُزيل الهام عن مقيلهِ *** ويذهل الخليلَ عن خليلهِ

فقال عمر - رضي الله عنه -: «يا ابن رواحة! بين يديْ رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - وفـي حـرم الله تقـول الشعر؟! فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خلِّ عنه يا عمر! فَلَهِيَ أسرع فيهم من نضحِ النبل»[3].

وانظر إلى هذا الموقف لترى كيف يؤدي الأدب دوره في العقيدة والأخلاق والمجتمع، وكيف يُبْنى ذلك على صفاء الإيمان والتـوحيد؛ إنه مـوقـف ضـرار بـن الأزور - رضي الله عنه - عند مبايعته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعد مبايعته أنشد:

تركتُ القِداح وعزفَ القيانِ *** والخمر تعللةً وانتهالا

وكرّي المجبّر في غَمْرة ***وحملي على المشركين القتالا

فيا ربِّ لا أغْبَنَنْ صفقتي *** فقد بعت مالي وأهلي ابتذالا

وهذه أبيات النابغة الجعدي التي سُرَّ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

ولا خير في حِلْمٍ إذا لم يكن له *** بوادر تحمي صفوَه أن يكدَّرا

ولا خير في جهلٍ إذا لم يكن له *** حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا

وخبيب الأنصاري - رضي الله عنه - يقول وهو يُصلَب على الخشبة في مكة ليُقتل:

فواللهِ ما أرجو إذا متُّ مُسلِماً *** على أي جنبٍ كان في الله مضجعي

فلستُ بمبدٍ للعدوِّ تَخَشُّعاً *** ولا جَزعاً، إني إلى الله مرجعي

تلك نماذج سريعة تكشف بوضوح عن دور الأدب في الفكر والمجتمع والأخلاق.

كما أننا نلمس فيها كيف يتعهد الإيمانُ هذه القوى كلها ويمزجها بالعقيدة والإيمان والتوحيد، حتى تكون نسيجاً واحداً لا ينفصل بعضه عن بعض.



• دور الأدب في الفكر والمجتمع:

وينكشف لنا دور الأدب الملتزم بالإسلام مبدئياً من لفظة (الأدب) نفسـها، اللفـظة المتميزة بمعانيها وبدورها في ميادين الفـكر والخلق والاجتماع والجمال وغير ذلك. ففي تاج العروس: «الأدب: الذي يتأدَّب به الأديب من الناس، سُمّيَ به؛ لأنه يؤدّب الناس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح. وأصل الأدب الدعاء»[4]. وهو مَلَكَةٌ تعصم من قامت به عمّا يشينه، وُتجمِعُ المعـاجم كلها على معانٍ متعددة، كلها تدور حول مكارم الأخلاق، وفي هذا ما أدب به الله - تعالى - نبيّه - صلى الله عليه وسلم -. وقد استخدمـت هـذه اللفـظة في علـوم اللـغة العربية كما يعرِّفها ابن خلدون في مقدمته.

وحين حمل الأدب رسالة الله إلى الناس وحياً من عند الله باللغة العربية التي اختارها الله، أصبح هذا البيان والأدب هو النموذج الأعلى، لا يبلغه أحد من البشر، ولكن يقتبسون منه ويهتدون به نوراً وهدى خالداً في إعجازه ويُسْره مع الأزمان كلها، يقدّم للبشرية كلها أسمى ما عرفت البشرية من فكر وأخلاق.

وحمل كذلك أسمى جمالٍ فنيٍّ يمتزج فيه جمال الفكر، وجمال الأخلاق، وجمال عبقرية اللغة العربية، وجمال الحياة الاجتماعية في طهرها وسموِّ علاقاتها، تتداخل كلها في نسيج عبقري واحد معجز، ومع إعجازه يسَّره الله لمن آمن وصدق وعرف العربية وأتقنها؛ فجعل الله صدق الإيمان وصفاءه وإتقان اللغة العربية مفتاحين لكتاب الله، ييسر الله بهما معاني كتابه لعباده المؤمنين.



• رسالة الأدب بما يحمله:

والأدب فنّ؛ ولكنه أشرف الفنون إذا حمل رسالة الطهر والجمال والخير والإحسان. والأدب يقدّم الجمال في الحياة في أطهر صوره وأنقى أشكاله. ويظل يسمو الجمال مع سمو الأدب حتى يبلغ أعلى مراتبه، ولا يكون ذلك إلا حين يحمل الحق في الحياة، فيكون الحق منبع الجمال فيه، ودفق الحياة، وغنى القلوب والنفوس، وهو يحمل رسالة الله ويساهم في نشرها عبقاً فوَّاحاً وعطراً غنياً وظلالاً ندية؛ فيكون جماله من جمال رسالته الإيمانية: «إن الله جميل يحب الجمال، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها»[5].

ويصوغ الأدب الجمال حين يتلقى جمال الجرس من الألفاظ والصياغة، وجمال الصورة التي يرسمها، وجمال الحركة التي يطلقها، وجمال الأسلوب الذي يجمع ذلك كله. ويرتبط هذا الجمال الفني بالحياة والكون، ليكون نبضة حياة وقبساً من نور، جمالاً أصيلاً، لا طلاءً كاذباً ولا زخرفاً خادعاً. والجمال في الأدب الملتزم بالإسلام ينبع من تفاعل الخصائص الإيمانية التي تجعله إسلامياً والخصائص الفنيَّة التي تجعله أدباً. ويساهم في صياغة الجمال الفني في الأدب عناصر ستة: الصياغة الفنية، الموضوع الفني، الشكل، الأسلوب، الإنسان، والعقيدة. وهذه كلها تتفاعل وتتأثر من ولادة النص الأدبي من داخل الإنسان وفطرته كما ذكرنا سابقاً. وللجمال الفني عاملٌ دافعٌ هو النيَّة، وعاملٌ منظم وهو الموازنة.

وبـذلك يتـمـيز الأدب الملـتزم بالإسـلام مـن غـيره من الآداب ليكون أعمق في البعد الإنساني، وأطهر في الجمال الفـني، وأوسع ساحة ومدى، فساحته ومداه الحياة كلها والكون كله.

وإذا لم يكن الأدب والفنُّ كله قوة للحق والصلاح في الأرض وعبادة الله - سبحانه وتعالى - فمن أين يأتي له الجـمـال أو يعطي الجـمال؟! ومـا حـاجـة الإنسان له عندئذٍ؟! ولا يقوم بذلك إلا الأدب الملتزم بالإسلام.
----------------------------------------

[1] أبو داود: كتاب الأدب، رقم: 4353.

[2] الترمذي: كتاب الأدب، حديث رقم: 2847.

[3] السيرة النبوية لابن هشام: ج 2، ص 176.

[4] انظر: تاج العروس للزبيدي، كلمة (أدب).

[5] أخرجه الطبراني في الأوسط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fawaed.yoo7.com
 
الإسلامية في الأدب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأدب الإسلامي
» الأدب ومصادره

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فوائد وفرائد لغوية :: العلوم اللغوية :: الأدب والنقد الأدبي والأدب المقارن-
انتقل الى: